الشهيد القسامي / خليل تيسير خليل قديح

القسام – خاص :

على ضفة النصر يقف الشهيد خليل قديح مُشهِرًا سلاحه في وجه الصهاينة ، هو ابن فلسطين ولأجلها يحيا ويموت حاله حال الكُل الفلسطيني الذي يعي شبابه منذ الصرخة الأولى أن تلك الصرخة التي جاؤوا فيها على الحياة ليست الأولى أبدًا؛ بل ان كل حياتهم عبارة عن “صرخة حق” في وجه الباطل، ينقش اسمه من نصر في دروب المقاومة ويحفره حفرًا فيعرفه كل مَن مروا مِن الدربِ خلفه بزهده وورعه وتميزه بتفانيه واخلاصه العظيم.

نشأة مجاهد

امتازت طفولته الجميلة بشقاوته كما تقول والدته: “ولدته في 28/12/1990م في مستشفى ناصر الطبي بخانيونس، فكان أجمل من البدر في قطع الليل وكان ثوري منذ صغره لا يلعب إلا لعبة (يهود وعرب) ويحب أعمال المقاومة وهو لم يزل طفلًا صغيرا فيصنع السلاح من الخشب والبلاستيك، وقد عُرِف بحُسن سلوكه مع شجاعته الكبيرة فلم يجد الخوف في قلبه موطن قدم”.
عرفته عبسان الكبيرة التي تربى في أكنافها بالشهامة فكان شجاعًا مِقدامًا ذا أصل انحدر من شجرة طيبة فقد وُلِد في بيتٍ ملتزم يعرف الله حق المعرفة لذا جاءت علاقته مع والديه وإخوانه وأهل بيته مكللة بالاحترام والمحبة، يساعدهم في حاجتهم ويبادر إلى مشاركة أقربائه وجيرانه جُل مناسباتهم.

قلبه معلّق بالمساجد

في “مسجد النور” له مع كل زاوية قصة وحكاية، تشهد جوانبه على قيامه وركوعه وسجوده وتحن وتأنّ جدرانه لصوته الندي في قراءة القرآن فجرًا وعصرا، ارتاد خليل المسجد مذ كان طفلًا بصحبة أبيه.
فكان يستمع إلى قصص الشهداء وخاصة الشهيد باسم قديح وزوجته المقاومين المجاهدين، فتأثر بذلك وزاد تعلقه بالمسجد أكثر من ذي قبل فوضع بصمة فيه وكان له دور المجاهد الثابت الزاهد الذي يحب لإخوانه أكثر مما يحب لنفسه، يتفقدهم ويلبي مطالبهم، ويشارك في حملات العمل التطوعي لمساعدة الناس.
انتمى خليل قديح إلى صفوف حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، في بداية عمره وزهرة شبابه، حيث كان محبا لها ولقياداتها العظام مثل أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي رحمهما الله، وكان مشاركا فاعِلا في المخيمات الصيفية التي تنظمها الحركة، ونشاطات المسجد، وخاصة في جهاز العمل الجماهيري لا يكل ولا يمل عن الالتزام بالحضور والمواظبة على إتمام كافة النشاطات بهمة عالية.

قساميّ نُخبويّ

ولم يكن للثائر إلا أن يلتحق بدرب المقاومة فارتاد صفوف كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في سن مُبكرة، وأصبح أحد شباب مجموعات المرابطين، وبعد ملاحظة التزامه ونشاطه تم فرزه على تخصص الدروع، وكان يرابط في نقاط الرباط المتقدمة دون خوف أو وجل، وإزاء تميزه والتزامه ونشاطه تم اختياره ليكون أحد أفراد وحدة النخبة القسامية.
وكان الشهيد خليل دائم الجهوزية لنداء إخوانه، يطلب بنفسه المشاركة في الأعمال المبادرة بشكل دائم من أميره وقادته العسكريين، وكان يرابط بشكل يومي، وينتظر الضباب لزرع العبوات والبراميل المتفجرة في دروب الأعداء الخائبة، وبمجرد إشعاره بأي تحركات للعدو الصهيوني يجهز نفسه ويخرج مستعدا مِقدامًا، وسرعان ما يتواجد في الثغور المتقدمة.
تلقى خليل شتى أنواع التدريبات والفنون القتالية وقد أبدى جهداً مباركا، وتفوقً في اتقان هذه الفنون، تلقى خلالها الدورات المغلقة الخاصة بوحدة النخبة القسامية، كان حريصا على خطف الجنود للإفراج عن الأسرى البواسل فكان كالأسد الهصور المقدام لا يخشى إلا الله.
أظهر خليل القدرة الكبيرة على تحمل التدريب والإرهاق الشديد جراء تلقيه تدريبات قاسية كما باقي أفراد وحدة النخبة القسامية، التي تتلقى تدريبات عالية، وتتطلب وجود مثل هذه المهارات خاصة لأفراد وحدة النخبة القسامية.
وتميز الشهيد بحنكة عسكرية فقد كان له في مقارعة الاحتلال صولات وجولات ويذكر أنه في إحدى ليالي رباطه، تفاجأ بوجود قوات خاصة صهيونية، فتواصل مع قائده للوصول إلى المكان، وعندما تقدم قائده أطلقت القوات الخاصة النار تجاهه، فقام شهيدنا بإطلاق النار المكثف على الخاصة ليقوم بالتغطية على القائد، وتمكنا من الانسحاب بسلام بجدارته وحنكته العسكرية.

على موعد

قبل أن يشن الاحتلال الصهيوني عدوانه على قطاع غزة صيف 2014م، ألحّ عليه أحد اخوانه بالزواج إلا أنه رفض وأصرّ على رفضه وهو يقول مستنكرًا: “لقد اقترب موعد الشهادة فما الداعي من الزواج؟!”، وتقول والدته: “كنتُ أشعر بدنو موعده مع الشهادة لهدوئه وهمته العالية والتزامه الكبير في أعمال المُقاومة وكثرة تمنيه للشهادة فالطما سألني الدعاء له بأن يرزقه الله الشهادة”، وقد نالها كما تمناها في منطقة خزاعة الحدودية خلال معركة العصف المأكول في28/7 من العام 2014م، بعد أن أبلى عطاءً في قتال أعداء الله اليهود بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال الصهيونية، تفخر بعِطر أخلاقه وحُسن صفاته خانيونس كلها بشيبها وشبابها