الشهيد المجاهد إبراهيم محمد المشهراوي
الإعلام الحربي – خاص
إبراهيم المشهراوي.. أبا خليل.. مبارك دمك.. مبارك جهادك.. مبارك عطاؤك.. مبارك الفكر الذي عبأك.. مبارك النهج الإسلامي الثوري الذي رسم ملامح حياتك من ألفها إلى يائها.. مباركة تلك الدماء التي سالت دفاعاً عن فلسطين والإسلام. أبا خليل.. كنت فينا ولا زلت رمزا للتضحية والعطاء والفداء.. تواصل مسيرة من سبقوك من الشهداء.. لا يضرك من باع أو خان أو استكان.. حديثنا عن رجل جمع صفات القيادة والأخلاق وأسر قلوب من عرفه إنه الشهيد القائد إبراهيم المشهراوي.
البطاقة التعريفية بالشهيد القائد إبراهيم المشهراوي:
الاسم: إبراهيم محمد العايدي المشهراوي .
تاريخ الميلاد: 1/12/1983م.
السكن: حي التفاح _ بالقرب من مسجد البشير.
الحالة الاجتماعية: متزوج ولديه أربعة من الأبناء.
الرتبة العسكرية: أحد قادة سرايا القدس في لواء غزة.
تاريخ الاستشهاد: 4/8/2014.
ميلاد الشهيد
ولد الشهيد القائد الميداني إبراهيم المشهراوي بتاريخ 1/12/1983 وسط أسرة محافظة متدينة تلتزم بأمور دينها ودنياها، وهو السادس بين أبناء الأسرة والأخير بينهم، فكان نعم الابن البار، درس الشهيد إبراهيم في مدارس الابتدائية والإعدادية في حي التفاح وبعدها حصل على الثانوية العامة من مدرسة عبد الفتاح حمودة وبعدها درس في الكلية الجامعية.
والد الشهيد أبو ماهر قال لـ”الاعلام الحربي”: “كان أبو خليل نعم الولد البار فكان أقرب الأبناء إلي وأحبهم فكنت أعتمد عليه في أمور كثيرة بحكم أنه أصغر أبنائي وأقربهم لي ولم اذكر أن إبراهيم رفض لي طلب طلبته منه ولم ينفذه وكان ولداً مطاوعاً يلبي كل ما أطلبه وحتى وإن كان مشغولاً كان يقطع كل شيء لكي يلبي ما أطلبه”.
وتابع أبو ماهر حديثه: “كان إبراهيم ذكياً منذ الصغر عليه علامات النباهة والفطنة وأي مشكلة تواجهنا نجد حلها عند إبراهيم لأنه هو الوحيد الذي يستطيع إنجازها وإنهائها، وأيضا كان باراً بـوالدته فكان يغسل أقدامها ويوضئها ويحضرها للصلاة وكان ينبها لصلاة الفجر وخاصة أنها مريضة فكان حنونا على أمه وأيضا على أبناء أخيه الكبير ماهر الذي توفي جراء مرض السرطان، فكان حريصا على تلبية جميع ما يحتاجه أبناء أخيه وكان باراً بهم يحبهم جداً ويعمل على متابعتهم ويقوم بتربيتهم.
أخلاقه وصفاته
كان الشهيد أبو خليل محبوباً من جميع من عرفوه سواء من الأهل أو الجيران أو الأصدقاء ، وكانوا يحبوه بسبب صفاته وأخلاقه الحسنة وكان يسعى في حل مشاكل كل من طلب منه المساعدة.
وقال أبو ماهر: “انتمى لحركة الجهاد الإسلامي منذ الصغر فتربى ونشاء في أكناف هذه الحركة المجاهدة وعندما اشتد عوده وكبر قال لي أريد أن انتمي إلى سرايا القدس لكي أقاوم وأجاهد في سبيل الله، فأراد أن يأخذ الموافقة مني وقلت له إن كنت تريد هذا فلا مانع لدي فهذه حياتك وأنت من تختار، وفعلا التحق في صفوف المقاومة والجهاد”.
ويستذكر أبو ماهر أحد المواقف التي حدثت مع إبراهيم وهو صغير عندما ذهب بصحبة أمه إلى القدس وهم في طريقهم إلى هناك انقلب الباص بهم في أريحا وبحمد لله نجو ولكن أصيب إبراهيم إصابات طفيفة وقال لي إني كتبت لي حياة سأكون من الشهداء بإذن الله تعالى فرأي الشهادة وهو صغير وحصل عليها عندما رحل عنا شهيداً.
وأيضا قبل استشهاده بثلاث أيام قام الشهيد بالتواصل مع أخواته وقام بزيارتهم وأعطاهم عدية العيد وزار والدته في المدرسة التي يحتمون بها خلال الحرب الأخيرة، وجلس عندها واعطاها عديتها وأيضا قام بإعطاء أولاد أخيه المتوفى ماهر عيدياتهم وأخذ زوجته وأبنائهم وذهب معهم الى السوق واشترى لهم ألعابا وملابس وبعدها ذهب.
الشهيد وبره بوالدته
أما والدة الشهيد إبراهيم أم ماهر قالت: “كان أبو خليل أقرب الأولاد إلى قلبي فكنت أحبه حبا لم أحبه لأحد بسبب أنه أصغرهم سناً وأقربهم إلي في كل الصفات والأخلاق الجميلة.
وتابعت الأم الصابرة حديثها لـ”الاعلام الحربي”: “كان أبو خليل يأتي إلي في الليل عند صلاة الفجر فيقوم فيوضئني ويغسل أقدامي بالماء ويجهزني للصلاة لأني كنت مريضة فلا يريد أن يتعبني”.
وأضافت:” كنت اقلق على إبراهيم كثيرا بسبب عمله العسكري فكنت لأنام حتى يأتي إبراهيم واطمئن عليه وهو محبوب من الجميع ومن كل من عرفه أحبه بسبب ما كان يتحلى به من صفات وأخلاق جميلة”.
وتكمل أم ماهر: “لم أرى إبراهيم منذ أن بدأت الحرب الأخيرة وكان مختفياً بسبب عمله العسكري فأتى إبراهيم إلي بالمدرسة التي نحن فيها وكان قبل أن يستشهد بيوم واحد فقط وأنا لم أكن في المدرسة فكنت في مستشفى الشفاء، وبعد أن رجعت وعندما سمع صوتي قام وذهب إلي فورا وقام بتقبيل يدي وقمت بتقبيله بسبب شوقي ولهفتي إليه، فقام بعدها بإعطائي مبلغ من المال فقمت بالدعاء له “روح ربنا يعطيك لما يرضيك” وذهب إلى زوجة أخيه ماهر وأعطاها بما فيه النصيب من المال وذهب لأخته وقام بسد الدين عنها بسبب ظروفها الصعبة وبحث عن أولاد أخيه وقام بإعطائهم بعضاً من المال وبعدها لم أراه واتى خبر استشهاده واحتسبناه شهيدا عند الله ولكن يبقى الفراق صعب ولكن نحسبه عند الله شهيداً.
الشهيد بين أشقاءه
قال شقيق الشهيد أبو يوسف كان إبراهيم ترتيبه الأخير بين أشقائه ورغم صغره إلا أنه كان بفعله كبير وذكي جدا نعتبره عمود وعصب البيت وأي مشكلة كنا نواجهها أو أي شيء مهم في حياتنا العادية فكنا نلجأ إلى إبراهيم رحمه الله بسبب علاقاته الاجتماعية الواسعة الطيبة، وأيضا بسبب عمله وكل من عرف الشهيد أحبه وأسر قلبه ويمتاز أبو خليل بعلاقات اجتماعية مميزة وكل أهل المنطقة يحبونه ويشارك في المناسبات الاجتماعية سواء للعائلة أو خارج العائلة ويشاركهم أحزانهم وأفراحهم .
ويتابع أبو يوسف : “ما يميز الشهيد الكرم فكان كريما يكرم الضيف ببيته وكان لا يخلو من الضيوف والأحباب وأسلوبه راقي يحترم الكل لا يتكبر على الآخرين وأبو خليل عنده إصرار لم أجده عند غيره”.
ومن المواقف التي يستذكرها أبو يوسف للشهيد ابو خليل: ” في إحدى المرات نجا الشهيد من إحدى محاولات الاغتيال وأصيب بإصابات متوسطة ولكن فوجئنا بأبو خليل يبكي ويتمنى من الله أن يرزقه الشهادة ولكن قدر الله كان فوق كل شئ”.
وأيضا من المواقف التي تسجل لابو خليل: “أي مشكلة يدخل فيها إبراهيم كانت تحل على الفور وكان يعطف على المساكين والمحتاجين وكان إذا عرف أن هناك إنسان محتاج على الفور لا يتردد أبدا يعطيه فوراً، وكنا خارجين مشوار فوجدنا رجل يسألنا عن أمور إجراء المعاملة ونحن في المحكمة، ساعده إبراهيم وهو رجل كبير في السن، فوجدني الرجل بعدها بيوم وقالي أخوك أعطاني 50 ش وأخذ صورة هويتي وسجلني في المساعدات الغذائية” وكان الشهيد طيب وحنون ويعطف على الكل ويحب الآخرين رحمه الله”.
مشواره الجهادي
قال أبو مهند صديق ورفيق أبو خليل في مشواره العسكري والجهادي: “تعرفت على الشهيد أبو خليل مطلع عام 1999 ونحن في مسجد البشير بحي التفاح كنت أجده في حلقات القرآن وتحفيظ كتاب الله وانخرط الشهيد بإحدى الشعب داخل المسجد ليمارسوا أنشطتهم الثقافية والرياضية والاجتماعية وغيرها من الأنشطة وبعد تطور العمل السياسي للحركة الجهادية أصبحت أمير لمسجد البشير والشهيد إبراهيم مسئول الشعبة وكنا نعمل كفريق واحد من اجل الارتقاء بالعمل وإعداد جيل من الشباب الواعي”.
وتابع أبو مهند حديثه لـ”الإعلام الحربي”: “في عام 2000 بدأ التجنيد وتشكيل النواة الأولى لسرايا القدس فكنا من الأوائل الذين التحقوا ضمن الصفوف الأولى في سرايا القدس وكنا قلة في منطقة التفاح وكان إبراهيم من هؤلاء المجاهدين الذين التحقوا في صفوف العمل العسكري آنذاك والتقينا في ذلك الوقت بالقيادة العسكرية، وكان حينها الشهيد القائد مقلد حميد والشهيد القائد بشير الدبش رحمهما الله وبعد ذلك تم تكليفنا بالعمل، فكان الشهيد أبو خليل من أول الذين شاركوا في إطلاق القذائف والصواريخ وكان له الشرف بأنه ضرب قذائف تزن 25 كيلو محلية الصنع أول قذيفة تضرب من قبل سرايا القدس على مستوطنات غزة، وشارك أبو خليل في العديد من العمليات والاشتباكات ومن بعدها برز الشهيد إبراهيم المشهراوي في العمل العسكري بسبب شهامته وقوته في الميدان.
وأكمل أبو مهند : “كان إبراهيم رحمه الله يملك ويأسر الشباب بسبب أخلاقه وروحه المرحة ولم ألاحظ أحد من الشباب اشتكى من إبراهيم بسبب تعامله فالكل تأثر برحيله وكان إبراهيم نعم القائد والمجاهد مما أهله للقيادة وأنه يمتلك صفات القيادة دون أي شخص آخر”.
ويعتبر إبراهيم من المجاهدين البارزين ميدانياً حيث كان يحب العمل والجهاد ومن هنا أعجبت به قيادة سرايا القدس في لواء غزة و أصبح الشهيد مقرب من القيادة العسكرية وعمل الشهيد إبراهيم قائد كتيبة التفاح لفترة وبعدها فرز على تشكيل لواء غزة ليعمل نائب مسئول تشكيل غزة وكلف بقيادة عدة وحدات عسكرية.
وأضاف أبو مهند: “كان الشهيد أبو خليل دائما يسعى لتطوير العمل العسكري ويكتسب الخبرات ويحتك بالفصائل الأخرى البارزة في الميدان وفي معركة البنيان المرصوص كان الشهيد إبراهيم المشهراوي قائد كتيبة الشيخ رضوان وكان يتابع جميع الوحدات العسكرية داخل كتيبته سواء الصاروخية أو الإسناد أو الميدان أو وحدات الكمائن وكنت أشاهد إبراهيم في الحرب ولم تختفي بصماته الجهادية في التفاح”.
وقال : “كان إبراهيم قائداً ومجاهداً لا يتخلف عن الميدان لحظة وكان في الميدان يعطي الأوامر وهو مع إخوانه المجاهدين فكان نعم الجندي المخلص الذي بذل الغالي والرخيص وأفنى حياته وهو في خنادق المواجهة والجهاد.
رحلة الخلود
بتاريخ 2014/8/4 م وفي خضم معركة البنيان المرصوص قامت طائرات الغدر الصهيوني باستهداف الشهيد إبراهيم المشهراوي في احد المنازل غرب مدينة غزة، فارتقى شهيدا مقبلا غير مدبر، ليلتحق بمن سبقوه من إخوانه الشهداء .