الشهيد المجاهد: زاهر محمد الأنقح

الإعلام الحربي – خاص  

سيدي زاهر.. ترجع لي احزانك في منتصف الليل لتشاركني وقتي.. نحاول أن نحضن طيفك بين أيدينا ونتلو بعض الابيات الملتهبة بدماء جرحك الراعف.. لا نعرف ماذا نحكي والدمع  على وجهنا لم يجف بعد..  

لا نعرف لماذا تهرب منا الكلمات عندما نكتب عن قصة مجدك وفخارك.. وتغرق ذاكرتنا في بحر الدماء الطاهرة.. سيدي زاهر سنكتب ذكراك على ورد الحنون وعلى لوحات العز والشرف.. وسنقذف ثورتك في وجه الطغاة .. ونرفع رايتك خفاقة على جرحك النازف لتتهاوى أمامه عروش المتآمرين.

زاهر الأنقح فارس الوحدة الصاروخية لسرايا القدس بكتيبة الشهيد حسام أبو حبل، ارتقي شهيداً في معركة البنيان المرصوص أتناء تأدية واجبه الجهادي المقدس في منطقة الزرقاء شمال قطاع غزة.  

بزوغ الفجر

شع نور شهيدنا المجاهد زاهر الأنقح بتاريخ 25/7/1990 م ونشأ وترعرع في أحضان والديه الذين ربياه تربية إسلامية ليكبر في ربوع المساجد، ودرس المرحلة الأساسية في مدارس بلدة جباليا البلد والتحق بمدرسة عثمان بن عفان، لينهي تعليمه الثانوي منها، وواصل حياته حتى عمل في مجال تنجيد الكنب والكراسي ليساعد والده في إعالة أسرته التي تعاني ظروف الحياة الصعبة التي يعيشها كافة أبناء شعبنا في قطاع غزة. وشهيدنا زاهر متزوج ورزقه الله بنتان سجي (3) أعوام وميار عام.  

رفيق درب الشهداء

والدة الشهيد زاهر الانقح تتحدث لـ”الإعلام الحربي” عن أهم الصفات التي تميز بها نجلها زاهر، حيث قالت: “تميز ابني زاهر بهدوئه والتزامه الشديد وتواضعه، وكان محبوباً من الجميع، وكان شديد التعلق بوالديه”.  

وأضافت:” كان زاهر رحمه الله على علاقة جيدة مع الكثير من المجاهدين منهم لا زال على قيد الحياة ومنهم من استشهد ومنهم الشهيد المجاهد عطية مقاط، الذي ارتقى شهيداً وهو صائم بتاريخ 24-8-2011م مبعد قصفه مغتصبات العدو بصواريخ الجراد وكان من المقربين له، وكانت تربطه كذلك علاقة بالشهداء صائب البطش ومحمود ولود وبهاء أبو الليل وقد حزن عليهم حزناً كثيراً”.

واستذكرت الأم الصابرة الساعات الأخيرة لنجلها الشهيد، قائلةً:” كان زاهر عندي في البيت سألته هل أنت جائع فقال لي لا يا أمي فقد أفطرت قبل ساعة ولكن جهزي لي الغذاء حتى أعود وقبل أذان المغرب عاد وتناول الطعام مع أخوته وخرج مسرعاً حتى لحقت به عند مدخل الدرج ونظر لي وقال يا أمي لا تخافي علي أنا في منطقة آمنة وبعد ثلاث ساعات سمعنا قصف شديد في المنطقة بعدها أخبرني والده بأن زاهر قد استشهد، فعم الحزن على الجميع في البيت ولا يسعني إلا أن أقول له لله ما أعطى ولله ما اخذ وملتقانا الجنة بإذن الله”.    

الزوج الحنون والمثالي

من جانبها أوضحت زوجة الشهيد زاهر الأنقح بأنه كان زوجاً مثالياً وهو إنسان غير عادي بأخلاقه فقد كانت أخلاقه حسنة ولا توصف طيبته، وهو صاحب القول والفعل وشخصيته كانت تعجب كل من عرفه وأحبه، وكان الزوج الحنون، وكنت أشعر بوجوده كالأب والزوج، فقد كان يملأ البيت بالحياة عندما يحضر، وعندما رزقنا الله ابنتنا البكر سجى فرح فرحاً شديداً لا يوصف”.  

الابن البار

من جهته تحدث والد الشهيد زاهر الأنقح لـ”الإعلام الحربي” عن صفاته وبداية نشأته، حيث قال: “ربيت ابني زاهر تربية إسلامية فقد كان نعم الابن البار بوالديه، وكان يقرأ القرآن ويطبقه في حياته فقد عمل بقوله تعالى: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا”. مشيراً إلى أن نجله الشهيد كان قبل أن يذهب إلى عمله الجهادي يأتي إلينا ويطلب منا أن ندعو له ويقول أنا متفائل بدعائكم لي، وبعد أن يعود من عمله سالماً يجلس بجانبنا ويتحدث معنا ويتناول معنا الطعام”.  

وذكر والد الشهيد لـ”الاعلام الحربي” بأن نجله كان يحبه ويحب والدته وزوجته وبناته وفي كل لحظة يفتقده أخوته وأخواته ويذكروا مناقبه وصفاته الحسنة، وكان رحمه الله عندما يذهب للسوق يوم الجمعة ليشتري لبيته ولأهله وعندما تسأله لماذا فعلت هذا يكون جوابه هذا واجب شرعي علي”.  

ذكرى باقية

وعن كيفية تلقيه خبر استشهاده، قال:” تلقيت خبر استشهاد نجلي زاهر عندما كنا جالسين في البيت في منتصف الليل بالحمد والاستغفار له وقمت فتوضأت وصليت ركعتين شكر لله وأخبرت والدته وقلت لها اعملي بوصية زاهر ولا تبكي وكوني من المؤمنات الصابرات واحتسبيه شهيداً عند الله تعالى”.  

وأوضح والد الشهيد زاهر الأنقح أنه رأى رؤيا صالحة لنجله، قائلاً:” في الليلة الأولى بعد دفنه رأيته يلبس بدلة عسكرية فاقتربت منه واحتضنته وقبلته واتكأت على السرير، فإذا به يقترب مني وينام بجواري على يدي بعدها استيقظت من المنام وذهبت مسرعاً إلى أمه وزوجته وبشرتهم بالرؤيا الصالحة”.  

قريب من إخوته

واستذكر سمير شقيق الشهيد زاهر آخر لحظات حياته بينهما، حيث قال:” كان زاهر قريب مني  جداً ويفشي لي أسراره وكان يستشيرني في بعض الأمور الخاصة به، وقبل استشهاده قضى ليلة في المنزل بعد ان أخليناه كباقي المنطقة من شدة القصف الصهيوني العشوائي خلال الحرب الاخيرة وبقيّ وحده في المنزل وهو ورفيق دربه الشهيد سليمان معروف لكي يحافظ على أمن المنطقة وسلامة منازل الأهالي.  

عمله في حركة الجهاد الإسلامي

البيئة الإسلامية التي نشأ فيها جعلته يتجه نحو مسجد التوحيد القريب من سكنه  ليكون المدرسة الأولى التي يتعلم فيها تعاليم الإسلام ، وبعد ان تعرف على حركة الجهاد الإسلامي أيقن بأنها ستكون المسلك الذي يستطيع أن يدافع عبره عن أبناء شعبنا.  

في عام 2007 التحق بصفوف الحركة الجهادية وكان من أبنائها المخلصين ، فشارك في إحياء كافة فعاليات الحركة المركزية التي كانت تقام في إقليم الشمال أو حتى التي كانت تقام في منطقة سكناه، ونظراً لنشاطه وإبداعه الذي أظهره اختارته قيادة المنطقة بأن يكون عضو لجنة منطقة الزرقاء ويكون المسئول الإداري فيها، وبعد إنشاء مسجد نعمة الغفري في منطقة الزرقاء التزم فيه وكان يتابع الشباب ويحثهم على الصلاة فيه وخاصة الفجر، وكان يقضي وقت فراغه في المسجد بين صلاتي المغرب والعشاء بقراءة القران ومتابعة حلقات تحفيظ القران الكريم وكان من الإخوة الذين يلقون الدروس الدعوية أمام المصلين.  

درب الجهاد

“الإعلام الحربي” أجرى حواراً مع “أبو خالد” أحد مجاهدي سرايا القدس بكتيبة الشهيد حسام أبو حبل ليتحدث لنا عن أبرز المهمات الجهادية للشهيد “زاهر الأنقح”, حيث قال:” كان رحمه الله شديد البأس على أعداء الله، محبوباً بين إخوانه المجاهدين ويحب الرباط والمرابطين وكان أيضا من المجاهدين الفاعلين والمميزين في عملهم الجهادي”.  

ومن أبرز المهمات الجهادية التي شارك بها الشهيد المجاهد “زاهر الانقح “:

– الرباط والحراسة في سبيل الله على الثغور.

–  شارك في قصف المدن والمغتصبات الصهيونية بصواريخ القدس والجراد.

– كان له دور بارز في إطلاق الصواريخ صوب المغتصبات الصهيونية خلال المعارك التي خاضتها سرايا القدس وأبرزها معركة البنيان المرصوص.  

وفي نهاية حديثه عاهد “أبو خالد” الشهيد المجاهد زاهر الانقح ورفيق دربه الشهيد سليمان معروف بالسير على خطاهم حتى النصر أو الشهادة في سبيل الله، وأن تبقى “سرايا القدس” الحضن الدافئ للمجاهدين على ارض فلسطين.  

رحيل إلى الجنان

بتاريخ 4 / 8 /2014م وفي منتصف الليل تمكنت طائرات الاستطلاع الصهيونية من استهداف شهيدنا بالقرب من مسجد التوحيد ببلدة جباليا البلد شمال قطاع غزة، وارتقى برفقته رفاق دربه الشهيد المجاهد “سليمان معروف” والشهيدين الشقيقين “حمادة واحمد مقاط”.