الشهيد تميم حجازي
كانت قلوبهم متعلقة بالمسجد، فهو الأساس الأول والبذرة الأولى الذي ينطلق منه عشاق الشهادة على درب ذات الشوكة، ومنه يستمد القوة ليمضوا بكل عزم وتصميم على طريق الحرية والكرامة، الذي شَرَّفنا الله سبحانه وتعالى بأن اختارنا مجاهدين ندافع عن هذه الأرض المباركة وعن المقدسات الطاهرة، ونذود عن حمى شعبنا وأمتنا، حتى كنس هذا الاحتلال الغاصب ودحره.
ميلاد الفارس
تزينت مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة بثوب الفرح لاستقبال الشهيد المجاهد تميم غسان عبد الله حجازي، حيث تنسم أولى نسمات فلسطين العليل، وتفتَّحت عيناه وأطل نور وجهه الجميل يُضيء حارات بلدة بني سهيلا شرقي المدينة، بتاريخ 6/12/1998م.
ونشأ وترعرع في كنف عائلة فلسطينية مُؤمِنَة مُحافِظة، أورثته حُبَّ فلسطين وحبَّ الجهاد والمقاومة، فشبَّ على الفداء والتضحية.
تلقى شهيدنا المجاهد حجازي مراحل تعليمه المدرسي في مدارس بني سهيلا غربي خان يونس، فكان مثالاً للطالب المجتهد المُثابر والمُجِد في دراسته.
وبعد تفوقه في الثانوية العامة، التحق بجامعة فلسطين، وحصل الشهادة الجامعية في تخصص العلاقات العامة، ولكنه لم يجد فرصة عمل بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها أهالي قطاع غزة، في ظل الحصار الصهيوني الخانق والانقسام الفلسطيني.
كان شهيدنا “تميم” يساعد أصدقاءه ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم، ويقف بجانبهم، فكان مثالاً للأخ الصادق في تعامله، المحبوب في أسلوبه.
وتميز شهيدنا بحب مجالس وحلقات حفظ القرآن في مسجد حمزة، حيث كان حريصاً على صلاة الفجر جماعة، ومواظباً على حلقات الذكر والندوات الإيمانية.
الفرح تحول لعزاء
“كان عنده فرح أخته بعد أيام قليلة، لكن انقلب لعزاء”، بهذه الكلمات عبّر «سهيل حجازي» ابن عم الشهيد “تميم”، عن الصدمة الكبيرة التي أصيبت بها عائلة الشهيد، بعد أن ارتقى شهيداً بصواريخ الحقد الصهيونية، مثله مثل كل الرجال والنساء والأطفال الذين استهدفهم الاحتلال الصهيوني أملاً في صورة نصر مزيفة.
ويضيف: “تّغير الوضع تمامًا داخل المنزل الذي كان على مشارف الاستعداد للزفاف؛ ليستقبل عزاء الشهيد تميم حجازي”.
وتابع: “رحل الشهيد تميم في وقتٍ كان يخطط فيه لزفافه، ولكن العدو الصهيوني حرمه من لحظة الفرح التي طالما انتظرها وانتظرناها جميعاً، ولكن عزاءنا أن الملائكة زفته إلى الحور العين.. فهنيئاً له”.
أحبَّ شهيدنا “حجازي” الجهادَ في سبيل الله، وعشقه، فكان منذ صغره فدائياً يسعى لمقارعة العدو الصهيوني المغتصب لأرضنا ومقدساتنا.
وانتمى إلى الخيار الأمل، حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، منذ نعومة أظفاره، فكان نِعمَ الشاب الخلوق الملتزم، المشارك في كافة الأنشطة والفعاليات، والمنضبط والهادئ، متقن لعمله متفانٍ فيه، وكان يتميز بالسرية والكتمان.
ولم يستطع شهيدنا رؤية اقتحامات الاحتلال وانتهاكاته المستمرة بحق أبناء شعبنا ومقدساتنا، فانتفض كالأسد وألح بإصرار شديد على إخوانه للانضمام إلى صفوف سرايا القدس، وأمام هذه العزيمة والإرادة الصادقة، انضم إلى صفوف السرايا؛ لينطلق بسرعة وشوق إلى ميادين الجهاد والمقاومة والإعداد.
وتدرج شهيدنا في مشواره الجهادي حيث تميز بمهاراته العسكرية الفريدة، وأظهر شجاعةً وإقداماً عزَّ نظيره، فوقع عليه الاختيار ليكون أحد مجاهدي “وحدة المدفعية” لسرايا القدس في لواء خانيونس، حيث كان نِعم المجاهد الصادق الصدوق الملتزم والمؤدي عمله على أكمل وجه.
بعد اعتقال الشيخ القائد بسام السعدي، أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الاستنفار والجهوزية التامة؛ للرد على الجريمة التي ارتكبت في جنين بحق القائد السعدي والانتهاكات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، كان الشهيد تميم حجازي ضمن الوحدات العاملة في أرض الميدان، حيث كان يدك المواقع الصهيونية بقذائف الهاون، ولكن طائرات العدو باغتته بصواريخها الحاقدة، ليرتقي إلى العلا مقاما، برفقه الشهيد أسامة الصوري، خلال تأديتهما الواجب الحركي والوطني والديني، وهما يدافعان عن الكرامة، ويصدان العدوان الغاشم الذي بدأه الاحتلال الصهيوني باغتيال الشهيد القائد تيسير الجعبري قائد المنطقة الشمالية وعضو المجلس العسكري لسرايا القدس، وذلك بتاريخ 06/08/2022م، خلال “معركة وحدة الساحات” التي خاضتها سرايا القدس ضد العدو الصهيوني، وقدمت فيها ثلة من قادتها ومجاهديها على طريق القدس والتحرير بعد حياة مباركة حافلة بالعطاء والجهاد والتضحية في سبيل الله.