الشهيد يوسف سلمان قدوم
لم يكن الشهيد يوسف قدوم -24 عاما- شابا عاديا فقد ترعرع في ظروف خاصة دون والده القائد “سلمان” الذي ارتقى شهيدا في عملية بطولية تاركًا ورائه طفله ” قبل أن يتم الرابعة من عمره.
تفاصيل حياة “يوسف جعلت منه شابا قويا فهو ابن شهيد وعمه شهيد، وروح المقاومة تسكنه منذ صغره، ويدرك جيدا المعنى الحقيقي للعيش تحت الاحتلال، فسنوات عمره يمكن حصرها ما بين انتفاضة الأقصى الثانية إلى أربعة حروب وحصار مطبق.
وحين ترحل أرواح الشهداء إلى السماء، تفوح رائحتهم الزكية بين محبيهم، فكل واحد يسرد موقفا عاشه مع الشهيد، هنا يكتب الصحافي يوسف فارس حين كان يعمل مدرسا في حي الشجاعية عن طالبه “قدوم”: قبل ست سنوات، عايشت يوسف قدوم، طالباً خجولاً محترماً، يأسر القلب، كتبت اسمه في تقرير صحافي مع أسماء الشهداء أمس، دون أن أتذكره(..) دائماً أرى طلابي صغار على العمل والسفر والزواج، وأيضاً صغارٌ على الموت، لكنني عندما نظرت في عيونه، لم أخطئه”.
ورغم هدوء الشهيد “قدوم” في حياته إلا أنه عنيفا في ساحة الكاراتيه، فهو حاصل على الحزام الأسود، ومع ذلك يصفه أعضاء نادي الزيتون الرياضي بأنه ” عفوي وبسيط ترك بصمة لا تنسى، يحبه الصغير قبل الكبير”.
حتى اللحظة لم يستوعب أطفال النادي غياب “يوسف” وأنه فور الإعلان عن التهدئة لن يعود إليهم ليوزع عليهم الحلوى كما اعتاد، أو لينصت لشكوى أحدهم.
كان يوسف على موعد مع الشهادة أمس الجمعة، جراء استهداف طائرات الاحتلال مجموعة من المواطنين في حي الشجاعية شرق غزة، وحينها كان يتواجد بجانب منزله مع عدد من جيرانه، وعلى الفور ارتقى شهيدا.
وطالب نادي الزيتون جميع المؤسسات الحقوقية والدولية، بالتدخل لوقف سلسلة الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال بحق الرياضيين.
حين تداول خبر استشهاد يوسف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سرعان ما عبر محبيه عن صدمتهم بالخبر وراحوا يسردون مواقفه الأصيلة معهم ويمتدحون صفاته الحميدة كما اعتاد الفلسطينيون عند فقدانهم لأي شاب أديب.
كانت صدمة معلمة الملتميديا “تسنيم المدهون” مختلفة، فكتبت عبر صفحتها الفيسبوك:” الشاب المؤدب الخدوم يوسف، مسجل عندي في دورة التصميم، يوم الأربعاء سألته ” ايش يا يوسف وين الشغل اللي وعدتني تسلمني إياه، يوم السبت لازم تسلمني”، فرد عليها: راح أبهرك بشغلي”، مشيرة إلى أنه فعلا أبهرها باستشهاده.
أما والده الذي كان طيلة سنوات حياته يقتدي به، فقد ارتقى شهيدا في الثالث عشر من 2002، حين اقتحم برفقة 5 مقاتلين فلسطينيين، مستوطنة “نتساريم” جنوب مدينة غزة، لتنفيذ عملية فدائية، انتهت بارتقائهم جميعًا بعد اشتباك لساعات، وبعد 20 عامًا على تلك العملية كان موعد اللقاء فيلتحق ذلك الطفل بأبيه شهيداً.