العالم الشهيد نزار ريان

يوافق يوم الأول من يناير ذكرى استشهاد العالم المجاهد الشيخ نزار ريان، الذي استشهد مع زوجاته الأربع وأحد عشر من أبنائه بعد أن قصفت طائرات الاحتلال منزله في العدوان الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة الذي بدأ في 27 ديسمبر 2008 وانتهى في 21 يناير 2009م.

والشيخ نزار ريان عالم مجتهد في علم الحديث الشريف، وقائد سياسي في حركة المقاومة الإسلامية ” حماس “، له مقولة شهيرة يعرفها جيش الاحتلال حينما قال “لن يدخلوا مخيمنا”، ففشل في اجتياح مخيم جباليا خلال معركة أيام الغضب عام 2004م.

كما اشتهر بمبادرته بتشكيل دروع بشرية لحماية منازل المواطنين من قصف طائرات الاحتلال، إذ كان الشيخ ريان ومعه مئات المواطنين يخرعون لاعتلاء أسطح تلك البيوت للحيلولة دون تدميرها.

كان الشيخ في ساعات النهار عالما يتجول بين مجلدات العلم في مكتبته التي كانت تضم ما يزيد على خمسة آلاف مجلد ومرجع شرعي، وفي ساعات الليل مرابط على ثغور قطاع غزة.

العسقلاني

في السادس من مارس عام 1959، أبصر الشيخ نزار ريان الحياة في معسكر جباليا لاجئاً من بلدة “نعليا” قرب عسقلان، مترعرعاً في رحاب مسجد الخلفاء الراشدين الذي كان فيه إماماً وخطيباً.

حصل على بكالوريوس أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض عام 1982، وتتلمذ على مشايخ الحجاز كالشيخ عبد الرحمن البراك، والشيخ ابن جبرين.

كما نال درجة الماجستير من كلية الشريعة في الجامعة الأردنية في عمان، في تخصص الحديث الشريف عام 1990، ثم أكمل درجة الدكتوراه من جامعة القرآن الكريم في السودان عام 1994م، وواصل مسيرة العلم وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه بعد أن حصل على درجة الأستاذية في الحديث الشريف.

بين الناس

وتمتع الشيخ ريان بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني، واشتهر بالتصاقه الشديد بالحياة اليومية للمواطنين، وقام بمشاركة الوسط الذي يعيش فيه، وكان أحد رجال إصلاح ذات البين بين الناس.

اعتقله الاحتلال عدّة مرات؛ ليقضي في سجونه نحو أربع سنوات، كما اعتقلته السلطة مرات عديدة وعُذِّب في سجونها.

وكان الشيخ ريان بارزاً في كل الميادين، فخاض صولات وجولات في معركة أيام الغصب حتى اندحرت دبابات الاحتلال من شمال القطاع عام 2004، وكان يقود طليعة المجاهدين على الثغور، ويبث فيهم روح العزيمة والثبات، ويقوم الليل معهم في ميدان الرباط.

وقد دأب العالم الجليل على تقدم الصفوف، وقدم نجله إبراهيم شهيداً في عملية فدائية في مغتصبة (إيلي سيناي) عام 2001 قتل فيها 6 من جنود الاحتلال، بينما استشهد أخوه الأصغر واثنان من أولاد أخيه في محرقة غزة، وأصيب ابنه بلال وبترت قدمه.

موعد مع الشهادة

عصر يوم الخميس، الأول من يناير عام 2009م، خلال “معركة الفرقان”، قرر جيش الاحتلال قصف بيت الشيخ نزار ريان، لكن العالم الجليل الذي كان يحمي بيوت الناس بصدره وجسده رفض الخروج من منزله، فقصفته طائرات الاحتلال ليستشهد الشيخ مع زوجاته الأربع وأحد عشر من أبنائه.

ويقول الابن البكر للشيخ ريان وهو “بلال” والذي نجا مع شقيق وشقيقة له يقطنون خارج المنزل: “صدمت عندما رأيت الدخان يتصاعد من منزلنا وهو ركام، وبدأت مع الناس أبحث عن أهلي، فوجدت جثة والدي وكان مقطوع الرأس على بُعد مترين من المنزل، وفي حضنه أخي أسامة بن زيد، الذي لم يتجاوز عمره العامين”.

يضيف بلال: “والدتي هيام (45 عامًا)، وإخوتي عبد القادر(11 عامًا) ومريم (9 أعوام) وعبد الرحمن (5 أعوام) وحليمة (4 أعوام) وريم (4 أعوام) وعائشة (عامان)، وزوجتا والدي، آمال (46 عامًا)، وشيرين (25 عامًا) كانت جثامينهم جميعًا متطايرةً في الطابق الأول من منزل جارنا نظمي الكحلوت.

وعند وصول المواطنين، وجدوا منزل الشيخ نزار المكون من 5 طوابق منهارا بالكامل، كما انهار أيضا منزلان مجاوران لمنزلهم بالكامل، إضافة إلى تدمير عدد من المنازل المجاورة.

وتمكنت فرق الدفاع المدني والإسعاف من انتشال جثث 14 فردا من عائلة نزار في ذات اليوم، وجثتي غسان (16) وزينب (8) بقيتا تحت الركام، وتم انتشالهما في اليوم التالي