الشهيد القائد الميداني حازم فايز أبو شمالة: قائد تقدم الصفوف ليصنع من دمه نصراً
الإعلام الحربي _ خاص
أسد مضى من دارنا وتقدما لجهادنا الإسلامي بايع وانتمى .. عافا حياة الرقاد وقام يطلبُ جنةٍ .. متصدياً لعدوه متقدما.. يحمي ثغور المخلصين مدافعاً .. رجم الغزاة الغاصبين و قد رمى .. هو أسد السرايا نعرف صنعه.. لما رمى سقا المحتل ناراً علقما. تبكيه منًّا المقلتان بأدمعٍ حراقا، والنار فينا أضرما .. عطرت أفئدة الأحبة بالهوى .. حازم آثرت الرحيل مسلما.. لله روحا في ثبات مجاهد .. ما خاف محتلاً حقوداً مجرماً، وقضيت في ساح الجهاد تركتنا.. نقتاتُ في الهجران قولاً ملهما .. يرثيك في ولهيٍ إليك حبيبنا.. يا بسمة أيامها لن نحرما.. كنت المداعب بندقية عزة .. من حق آسادِ الجهادِ تكلما، ودليل رجال الله بليلهم، ومرابطٌ عزف القتال ترنما.. تشتاق لحظةَ ملتقاهُ صِحابهُ .. بدراً أصيلَ النورِ يلمع في السماء .. حازم أبو شمالة الليوث تجهزوا، ليواصلوا درباً منيراً محكماً .. هي خان يونس قلعة الرجال بأسدها.. أوصلت صهاينة اليهود جهنما.. حازم انك بارتحالك حولنا..صاروخ تضحية تترجمه الدما.. وعلى طريقك يا شهيد سنمتطي هاما الرزايا لن نقيل ونحجما.. حازم أبو شمالة اللقاء بجنة .. فيها يطيب لقاءً باسماً .. أسد مضى من دارنا وتقدما لجهادنا الإسلامي بايع وانتمى .. عافا الرقاد وقام يطلب جنة متصدياً لعدوه متقدما.
رحلت يا حازم بعد أن أيقنت أن ساعة الرحيل قد أزفت، فأسررت بذلك لزوجك موصياً إياها خير الوصية بأبنائك ” محمد، وخالد” ، ومضيت نحو نحبك متقدماً، ومن معك من المقاتلين خطوط المواجهة، وقفت في مكانك الذي وقفت فيه متزنراً بسلاحك “الكورنيت” بانتظار اللحظة التي ستفجر فيها الصاروخ في أقوى حصون العدو الصهيوني “الميركافاه”، كانت الدقائق تمر كأنها ساعات، والساعات تمر كأنها أيام، لكن ذلك لم يفت من عضدك شيء، هنيئاً لك الشهادة يا حازم ومن معك من المقاتلين، يا من جعلتم العدو الصهيوني يتخبط ويتراجع ويتقهقر أمام قوة ضرباتكم، رحمكم الله يا من رسمتم لنا معالم الطريق نحو فلسطين كل فلسطين..
حازم المفخرة
” إننا نكتشف العظماء بعد أن يغادروا دنيانا، وقبل ذلك هم يكونوا غارقون في إعداد العدة للدفاع عنا، ولاسترداد حقوقنا المسلوبة، ونحن منشغلون في دنيانا”، بتلك الكلمات بدأ والد الشهيد القائد حازم فايز أبو شماله “أبو حازم” ، حديثه لـ “الإعلام الحربي” الذي كان في ضيافة أسرة الشهيد بمنزلها الواقع بمنطقة حي المشروع غرب محافظة خان يونس.
وأكمل أبو حازم الذي بدا عليه الشجن على فراق نجله قائلاً :” لا زلت أتذكر اللحظة التي رن فيها هاتف جوالي، ليسألني السائل وأنا في حوار مع احد الفضائيات عن حازم ، فقلت له تلقائياً : فليرحمه الله، فقال لي: كيف عرفت، قلت له من سؤالك عنه فهو في ساح الوغى يقاتل العدو الصهيوني”.
ولم يخفِ أبو شمالة الذي بدا صابراً محتسباً، رغبته بلقاء نجله قبل استشهاده ليقبله ويمسح على رأسه، قائلاً :” طلبوا مني أن أراه وهو ممزق أشلاء، فرفضت أن أراه، حتى ابقي على صورته الأخيرة التي لا تزال في مخيلتي، عندما قدما لزيارتنا في اليوم الثاني من رمضان هو وزوجته وأطفاله، وجلس معنا وابتسم ابتسامته الهادئة الخجولة قبل أن يغادرنا وهو حي”.
وتطرق د. فايز أبو شمالة خلال حديثه المفعم بالحب، إلى طفولة “حازم”، قائلاً :” لقد عاش حازم طفولته بعيداً عني، حيث إنني اعتقلت لسنوات في سجون الاحتلال، وهو كان لازال طفلاً لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات، لكن أتذكر السنوات القليلة التي عشتها معه قبل الاعتقال، حيث كان هادئاً رقيقاً جميلاً ، يراقب ولا يبدي ملاحظات، يهتم بما يجري حوله دون أن يتدخل”، لافتاً إلى أن “أم حازم” مرضت مرضاً شديداً أثناء الحمل بالشهيد حازم، فتأثر بمرضها، وولد بحجم صغيراً كطفل عجوز، لكنه بعد أسبوع من ميلاده بدأ يتألق جمالاً ورونقاً وصفاءً.
وأشار أبو حازم إلى عمق العلاقة التي كانت تربط الشهيد “حازم” بوالدته التي وافتها المنية قبل سبع سنوات من استشهاده ( رحمهما الله)، قائلاً :” كانت علاقته بأمه علاقة متينة، فقد كانت رحمها الله مخزن عتاده وكاتمة أسراره، وكانت تخاف عليه كثيراً، حتى أنها اتصلت بي في احد الأيام، لأمنعه من السفر إلى احد البلدان التي كان يتدرب فيها المجاهدين، لكنني وقفت بجانبه ولم أمانع سفره على عكس ما كانت تتوقع مني، لإيماني القاطع بأهمية ما كان يقوم به من عمل جهادي بطولي “، منوهاً إلى أنه طلب من زوجته وقتها أن تهدئ من روعها على ابنها، لأنه لا يمكن لأحد أن يؤثر على قناعاته، أو يمنعه عن مواصلة الطريق الذي يمضي فيه، والأفضل لها وللجميع أن يدعوا له بالتوفيق والسداد.
جرائمهم ستعجل هلاكهم
وأكد أبو شمالة أن من أكثر الأمور التي أثرت في شخصية نجله الشهيد حازم، افتقاده لحنانه، حيث انه اعتقل هو كان لازال طفلاً صغيراً، إضافةً لمشاهدته والده وهو مقيد اليدين خلال زيارته له، ورؤيته لحالة التعب والحزن والعناء والبكاء والغضب في عيون أهالي الأسرى، الذين كانوا يتعرضون لشتى ألوان الإهانة والإذلال وامتهان الكرامة من قبل جنود الاحتلال، عد إلى مشاهد الإذلال والقتل اليومي الذي كان يعيشه شعبنا أثناء انتفاضة الحجارة، مشدداً على أن تلك المشاهد وغيرها هي من شكلت جيل حازم الذي جعل العدو الصهيوني يتقهقر ويتراجع عن مشروع دولته كبرى، مجزماً أن الجيل الذي عاش ويعيش المجازر الصهيونية سيكون بإذن الله جيل النصر ودحر الاحتلال عن كل فلسطين.
وذكر أبو شمالة إلى أن فجر ميلاد نجله الشهيد حازم جاء في 1982/2/21م، وعاش طفولته كما كل أطفال فلسطين في وسط معسكر خان يونس، مشيراً إلى أن الشهيد أنهى جميع مراحل دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية بتفوق، إلا أنه رفض إكمال دراسته الجامعية بسبب الاحتلال الذي كان يقسم قطاع غزة إلى شطرين.
وتجدر الإشارة إلى أن الشهيد حازم متزوج من زوجة صابرة مؤمنة محتسبة، وكان ثمرة زواجهم أن رزقهم الله بطفلين هما ” محمد، وخالد”.
لقاءنا في الجنة
وبدورها قالت زوجة الشهيد حازم ” أم محمد ” بصوت شاحب وحزين:” كان رحمه الله عظيماً في حياته وفي استشهاده، فمنذ اللحظة الأولى التي ارتبطت بها فيه، أطلعني عن بعض الجوانب في حياته، وخيرني بين البقاء معه أو الانفصال عنه، ولكني فضلت البقاء معه، لأنني أؤمن بأن المقاومة هي الطريق الوحيد لاسترداد حقوقنا المسلوبة ودحر الاحتلال”، مشيرةً إلى العديد من الصفات النبيلة والأخلاق العالية التي كان يتميز بها الشهيد، وخاصة في تعامله معها.
وأضافت :” حازم كان دائم التفكير في الطريق التي ستوصله إلى الشهادة في سبيل الله”، مبينةً أنها عاشت مع الشهيد أجمل أيام حياتها، لكن هاجس الفراق كان دائماً يخيم على حياتها في نومها ويقظتها، معربةً عن أملها بأن يجمعها الله وأبنائها به في الجنة تحت عرش الرحمن.
وتابعت حديثها بصوت حزين:” مع بداية حلول شهر رمضان استطاع الشهيد رغم ظروفه وانشغاله الدائم أن يزور كافة أرحامه وأهله، وعندما بدأ العدوان الصهيوني شد رحاله وجهز نفسه لقتال جيش الاحتلال الصهيوني “، مؤكدةً أن حديث دار بينها وبين زوجها في الأيام الأخيرة من حياته، أخبرها بشعوره أن هذه الحرب ستكون الأخيرة التي سيشهدها، طالباً منها أن تسامحه، وأن ترعى أبنائه من بعده وتحسن تربيتهم.
وتطرقت الزوجة الصابرة، إلى مشاعر الخوف والقلق التي كانت تنتابها على زوجها طوال فترة غيابه عن البيت، مشيرةً إلى أنها في الأيام الأخيرة قبل استشهاده، زاد خوفها وقلقها عليه، وحاولت الاتصال به لكن دون جدوى.
ولفتت الزوجة الصابرة إلى أن نجلها “محمد” تنبأ باستشهاد والده وانتهاء الحرب في ذات الليلة التي ارتقى فيها والده شهيداً، حيث أنه رأى في المنام والده يستشهد ويذهب إلى الجنة، وهو يذهب إلى الروضة، معربةً عن فخرها واعتزازها بزوجها الذي نال شرف الشهادة في سبيل الله التي سعى لها سعيها وهو مقبل غير مدبر.
مشواره الجهادي المشرف
حرص الشهيد حازم أبو شمالة على اللحاق بالركب الطاهر ركب الشهيد المعلم القائد فتحي الشقاقي، فكان ذلك في بداية انتفاضة الأقصى عام 2000م، واستطاع الشهيد في وقت قصير الانضمام لصفوف سرايا القدس، نظراً لما كان يتميز به الشهيد من دماثة أخلاق، وسرية وكتمان، وقوة وشجاعة، ويسجل للشهيد في تلك الفترة مشاركة إخوانه المجاهدين في تنفيذ عدة مهمات جهادية، منها: عملية إطلاق نار على الموقع العسكري الذي كان مقام فوق أراضي المواطنين غرب مدينة خان يونس، وهو ما كان يعرف بموقع مستوطنة ” نفيد دكاليم” البائدة، كما شارك الشهيد في صد التوغلات الصهيونية على منطقة غرب خان يونس، وخاصة اجتياح النمساوي، كما شارك في عمليات استهداف آليات وجيبات صهيونية بقذائف الـ “ار. بي.جي”.
صانع النصر
ويعتبر الشهيد القائد “أبو محمد” من أهم المجاهدين الذين ارسوا علم وقواعد الطبوغرافية العسكرية في قطاع غزة.
وفي لقاء جمع “الإعلام الحربي” بأحد قادة سرايا القدس “أبو البراء”، قال :” الشهيد حازم كان يجمع بين شخصيته مزيج من الصفات المتناقضة في ظاهرها، فهو كان الرجل المؤمن الملتزم الهادئ المبتسم الخجول، وفي نفس الوقت كنت تراه في ميدان المقاومة القائد الصلب العنيد الشجاع، الحريص على أدق التفاصيل في عمله “، مؤكداً على إخلاص الشهيد وحرصه على مواصلة عمله تحت أي ظرف كان، حتى كان استشهاده في اقرب نقطة على العدو الصهيوني.
ولفت أبو البراء إلى أن الشهيد القائد حازم أوكلت إليه في معركة “البنيان المرصوص” مهمة استخدام سلاح “الكورنيت” الذي شكل معادلة خلقت حالة من توازن القوة والرعب، مؤكداً أن الشهيد كان أكثر المجاهدين مهارة في استخدام هذا السلاح النوعي.
رحيل القائد
رغم التحليق المكثف لطائرات الاحتلال الصهيوني التي كانت تغطي سماء قطاع، وكثافة وحجم النيران الصهيونية، لم يتردد الشهيد القائد حازم للحظة، عن التحرك من منطقة سكناه غرب محافظة خان يونس، باتجاه بلدة خزاعة شرق المحافظة التي حاصرتها الدبابات والآليات الصهيونية، حيث أوكلت إليه مهمة استهداف الآليات الصهيونية التي كانت تتمركز بمنطقة جميزة ابو حنون.
ويقول المجاهد أبو البراء :” بالفعل تحرك الشهيد حازم بصفته قائد وحدة التخطيط بالمحافظة، وبرفقته بعض الأخوة المجاهدين من وحدة الدروع، حيث بدأ بعملية رصد ومتابعة لتحركات الآليات الصهيونية المتمركزة في محيط أبو جميزة، لكن بسبب عدم توفر الرؤية والمعطيات المناسبة، تم إرجاء عملية إطلاق صاروخ الكورنيت”.
وتابع حديثه:” ظل حازم ومن كان معه يكمنون في ذات المكان، الذي هو عبارة عن عمارة سكنية تتكون من خمسة طوابق، حتى تتضح الرؤية، فناموا ليلتهم في تلك العمارة ، وفي صباح اليوم التالي الأحد الموافق 29رمضان، وفي تمام الساعة الثامنة صباحاً ، بدأ حازم بعملية رصد للآليات الصهيونية مرة أخرى، لكن قذيفة مدفعية صهيونية أصابته إصابة مباشرة في تلك اللحظة، ليرتقي إلى علياء المجد بعد أن مزقته أشلاء”، مؤكداً أن استشهاد حازم شكل صدمة قوية لسرايا القدس وكل فلسطين نظراً لما كان يمثله الشهيد من مكانة وركن أساسي، فيما العدو الصهيوني لم يخفِ فرحته باغتيال حازم، الذي كان يمثل لهم كابوس يهدد حصونهم المنيعة.
نخبتنا قتلت نخبتهم
وفي هذا السياق أشار د. فايز أبو شمالة إلى ما تحدث به اليهودي ” درور شور”، عمدة مستوطنة “بير توفيا” المقامة على أراضي قرية بيت دراس ، بأن الحرب الأخيرة “البينان المرصوص” أفقدتهم خيرة أبنائهم، مؤكداً أن من افقد العدو الصهيوني خيرة أبنائه، هم خيرة أبناء شعبنا الفلسطيني، الذين أتقنوا استخدام سلاح “الكورنيت” والقنص، والصاروخ، والأنفاق.
وأكد أبو شمالة أن رسالة نجله الشهيد وكل الشهداء قد وصلت إلى كل فلسطيني، ان ما يرعب العدو الصهيوني ويلجمه هو طريق المقاومة، وأن حقوقنا لن تسترد إلا بفعل قوة المقاومة وشدة ضرباتها، مشيراً إلى حالة الخوف والتخبط التي يعيشها الكيان الصهيوني بكل مكوناته، حيث انه أقدم على إجلاء مستوطنيه عن المستوطنات القريبة من غلاف غزة، مما يعني ضمور واضمحلال كيانه.
ووجه أبو شمالة رسالة شكر إلى سرايا القدس والمقاومة الفلسطينية التي حققت النصر المؤكد على العدو الصهيوني وأفشلت كافة مشاريعه، وقفت سد منيع أمام تحقيق حلمه بإقامة (إسرائيل الكبرى).