الشهيد عبدالله ابو التين
من طبيب جراح مختص، إلى إداريٍّ ناجح، تنقل الطبيب عبد الله الأحمد (أبو التين) في مجالات العمل ليترك بصمة في كل موقع عمل فيه، ولكن بصمته الأبرز في مواقفه الوحدوية وخياراته الوطنية التي دفعته ليختار الاشتباك والثورة والشهادة.
من البالطو الأبيض، إلى الزي العسكري، وحمل السماعة الطبية إلى حمل البندقية، انتقالات تبدو غريبة؛ لكنها ليست كذلك
من البالطو إلى الزي العسكري
طبيبنا الثائر، لم يكتفِ بدوره الكفاحي المرتبط بمهنته طبيبًا في موقع متقدم يعالج ما يوقعه الاحتلال من إصابات بين صفوف الشباب الفلسطيني، بل أصرّ أن يكون له بصمة في كل الميادين بما فيها ميدان قتال العدو والاشتباك المباشر معه
لم يكن أمام الطبيب أبو التين من خيار إلّا أن يحمل بندقيته ويقاتل إلى جانب الشباب المنتفض لمواجهة الاحتلال ليرتقي شهيداً بعدما استهدفه قناص صهيوني برصاصة في رأسه، مقبلاً غير مدبر.
صاحب اللثام الأسود
صباح الجمعة (14 أكتوبر الجاري)، وخلال التصدي لقوات الاحتلال التي اقتحمت مخيم جنين، لفت الانتباه
وهو يناور بين الأزقة ويطلق النار تجاه قوات الاحتلال قبل أن يصيبه قناص صهيوني في رأسه، وتمكن الشبان من سحبه باتجاه المستشفى ليرفعوا اللثام عن وجهه لتكون المفاجأة أنه الطبيب عبد الله الأحمد (43 عاما).
ورصد الشهود أحد قناصة الاحتلال وهو يطلق النار على الطبيب المشتبك، والذي أصيب بعيار ناري في رأسه اخترق عينه، وحاول زملاؤه الأطباء إنقاذ حياته إلا أنه استشهد بعد نحو ساعة من إصابته، كما يفيد بذلك الدكتور وسام بكر، مدير مستشفى جنين
ونعى لواء الشهداء في كتائب الأقصى في جنين، الشهيد عبدالله، معلنا أن الشهيد أحد مؤسسي اللواء برفقة الشهيد طه الزبيدي.
وقال أحد المقاومين عن الطبيب الأحمد: “كان يحمل في حقيبته أدوية وضمادات ليعالج الجرحى، وسلاحه وعتاده العسكري لمقاومة الاحتلال، لقد كان مقاومًا صلبًا.. شجاع وبطل ومقاتل شرس”.
الطبيب الإنسان وحيد أمه!
والشهيد الثائر عبد الله هو وحيد أمه، وقد شابت حتى أصبح طبيباً، وفق تأكيد أنس أبو الرُّب، أحد الأصدقاء المقربين للشهيد.
يضيف أبو الرّب، لمراسلنا: “الطبيب عبد الله أبو التين، على قدر ما كان زملاؤه يتحدثون عن إنسانيته أصبح مادة للفكاهة، بأنه لو كمل في تطبيب الناس لضرب سمعة الأطباء؛ لأنه معظم شغله ببلاش”، حسب تعبيره.
ويشير إلى أنّ الطبيب عبد الله كان يعمل مديراً لدائرة الترخيص بوزارة الصحة، ورجل أعمال ناجحا وخفيف دم وظل.
مواقف صلبة
ويشير كل من عرف الطبيب عبد الله عن قرب أنّه كان يحب الحياة، وكان صاحب مواقف وطنية خلّاقة.
وزخرت صفحته على “فيسبوك” بالمواقف الوطنية؛ فحين اندلعت معركة سيف القدس، سارع إلى الافتخار بمقاومة غزة قائلاً: “شعب عنده ظهر مثل غزة العزة لن يهزم”.