الشهيد محمد البيوك
في الحادي عشر من شهر يناير من العام 1968م، أبصر شهيدنا المجاهد محمد حسن البيوك نور الحياة وتنسم أولى نسمات هواء فلسطين العليل، وأحاط نور قدومه جدران المنزل وسط سعادة من الجميع بخبر ولادته الميمونة.
نشأ وترعرع في كنف عائلة مجاهدة، ملتزمة بتعاليم الإسلام الحنيف، أورثته حب الجهاد في سبيل الله ومقارعة الصهاينة، والذود عن حمى أرضنا الطاهرة.
كما كان باراً بوالديه عطوفاً عليهما، رحيماً بهما، يدعو الله سبحانه وتعالى لهما بالصحة وطول العمر وحسن العمل، وكانت أخلاقه العالية سبباً في علاقاته المميزة والفريدة مع الجميع.
وتزوج شهيدنا من رفيقة دربه وشريكة حياته التي أنجبت له 3 أبناء، كان لهم نِعمَ المربي والأب العطوف الحنون.
يقول أبو محمد (والد الشهيد)، في حديث مع موقع السرايا، إنه رُزِق بابنه بعد سنوات من الانتظار، حيث رأى في المنام نبيَ الله إبراهيم -عليه وسلم-، الذي بشَّره بقدوم طفله البِكر، مُوصِياً إياه بتسميته على اسم نبينا الكريم محمد -صلَّ الله عليه وسلم-.
ويُضِيف الوالد الصابر: “بالفعل في صباح ذلك اليوم شعرت زوجتي بآلام وتوجهنا إلى الطبيب الذي أكد لي أن زوجتي حامل، فحمدتُ الله تعالى وشكرته على عطائه وكرمه”.
تعلق قلب الشهيد محمد بالمساجد، فالتزم فيها منذ نعومة أظفاره؛ لأنه فهم جيداً حديث النبي المصطفى -صلَّ الله عليه وسلم-: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله”، وذكر منهم: “وشاب قلبه معلق بالمساجد”، فتربى في بيوت الله تعالى، وكان داعياً إلى الخيرِ، متميزًا بهدوئه وطيبته، وكسب محبة جميع رواد المسجد وكل من تعرف عليه.
وتوثقت علاقته بمسجد أسامة بن زيد يوماً بعد يوم، حتى أصبحَ من رواده الذين لا ينقطعون عنه، وظهر ذلك جلياً عبر التزامه ومواظبته على الصلوات الخمس جماعة، ومشاركته في حضور الندوات الدعوية.
أحبَّ شهيدنا المجاهد طريق الجهاد، وعشق المقاومة والذود عن حمى شعبنا، فانتمى إلى حركة الجهاد الإسلامي، وأثبت حضوراً لافتاً ومشاركة واسعة في كافة فعالياتها وأنشطتها.
وبعد إصرار طويل، وإلحاح مستمر على إخوانه في قيادة المنطقة، التحق بصفوف سرايا القدس، وانطلق رفقة إخوانه المجاهدين في طريق ذات الشوكة، مقاتلاً العدو الصهيوني في كل الميادين، واقفاً في وجه عدوانه وإجرامه، فكان الحصن الصلب المنيع على الصهاينة الجبناء.
وكان شهيدنا نِعمَ الجندي المطيع لقيادته، فارساً هماماً صلباً لا يخشى في الله لومة لائم، مثالاً للعطاء والنشاط، ويداوم على الرباط في سبيل الله تعالى، وكان نِعمَ الجندي الوفي المخلص لدينه ووطنه.
بعد اعتقال الشيخ القائد بسام السعدي، أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الاستنفار والجهوزية التامة؛ للرد على الجريمة التي ارتكبت في جنين بحق القائد السعدي والانتهاكات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، كان الشهيد محمد حسن البيوك ضمن الوحدات العاملة في إحدى المواقع العسكرية، فباغتته قوات الاحتلال بصواريخها الحاقدة، ليرتقي الشهيد فضل إلى العلا مقاما، برفقه الشهيد فضل زعرب، خلال تأديتهما الواجب الحركي والوطني والديني، وهما يدافعان ويحميان ثغراً من ثغور الوطن، وذلك بتاريخ 05/08/2022م، خلال “معركة وحدة الساحات” التي خاضتها سرايا القدس ضد العدو الصهيوني، وقدمت فيها ثلة من قادتها ومجاهديها على طريق القدس والتحرير بعد حياة مباركة حافلة بالعطاء والجهاد والتضحية في سبيل الله.