الشهيد القائد/ رأفت صالح إبراهيم الزاملي
الشهيد القائد “رأفت صالح الزاملي”: قائد في الإمداد الصاروخي من الطراز الفريد
حقّ على هذه الأمة أن تعرفه، وحقهُ على الأمة أن تستلهم روحهُ وتضحياتهُ وجهاده.. إنهُ الشهيد القائد رأفت الزاملي، بطلاً جهادياً شجاعاً في كل ميدانٍ وساح، خاض غمار الدعم والإمداد، بصماتهُ على كل قذيفةٍ وصاروخ ضرب المدن المحتلة، فمهما سطّرنا عن سيرته الجهادية المليئة بالعطاء والتضحيات لم نوفيهِ حقهُ.
ولد الشهيد القائد رأفت صالح إبراهيم الزاملي “شيخ العيد” بتاريخ 24-7-1981م في مدينة رفح، نشأ وترعرع في أحضان أسرة تقية محافظة تعود جذورها إلى بئر السبع المحتلة منذ عام ثمانية وأربعين، عاش “أبو النور” وسط عائلة متواضعة ومحافظة ومحبة لدين الله وللجهاد في سبيله.
تربّى القائد رأفت الزاملي على حُسن الخلق والأدب والتقوى، ليرسم بذلك شخصية الشاب المسلم الملتزم الذي شب على حب الجهاد، درس الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين برفح، ودرس الثانوية العامة بمدرسة بئر السبع، وانتقل إلى جامعة القدس المفتوحة ودرس تخصص “خدمة اجتماعية”.
تزوّج الشهيد القائد أبو النور ورزق سبعة من الأبناء، ولعائلة الشهيد القائد “أبو النور” مدٌ طويل في الجهاد والمقاومة فقد قدمت كوكبة من الشهداء على مذبح الحرية والفداء كان آخرهم شقيقهُ الشهيد المسعف عاطف صالح الزاملي الذي ارتقى في معركة البنيان المرصوص عام 2014م.
الحاج الصابر “أبو رأفت الزاملي” يصف نجلهُ “أبو النور” قائلاً: “كان رأفت منذ صغره محبوباً لكل من عرفه، وتميّز بصفات لم تكن إلا في القليل من الشباب، وكان دائماً مطيعاً، عرفناهُ بخفة حركته وسرعة إنجازه لعمله”.
ويضيف :”إن مرارة فقد ابني “أبو النور” والذي اعتبرهُ يدي اليمنى كسرت قلبي وأوجعتني ورغم ذلك لن تتوقف المقاومة وستبقى مشتعلة في وجه هذا الاحتلال المجرم”.
من جانبه يقول نجل الشهيد رأفت:” أن والده “رأفت” كان حنوناً وعطوفاً يسعى دائماً لنشر الخير، وكان يوازن بين مسؤولياته وبين حياتنا العائلية الخاصة”.
وتلفت زوجة الشهيد “أم النور” خلال حديثها، أن زوجها الشهيد “أبو النور” كان نِعمَ الزوج مع زوجته وعائلته، مُشيرةً إلى مناقب كثير سردتها عن شخصية أبو النور الجميلة”.
إذا ذُكر التواضع ذكر القائد “أبو النور” بهدوئه ورزانته، لا مثيل لهُ في خلقه وحُسن محبته لإخوانه، كان دائم التواضع للكبير والصغير، ضحوكاً يُحب المزاح، سريعاً في التحرك لنجدة زملائه، عنيداً في عمله مخلصاً متفانياً فيه، شجاعاً لا يخشى إلا الله، قوي البنية شديد الساعد، ليناً في مواطن اللين شديداً في مواطن الشدة.
انتمى القائد رأفت الزاملي “شيخ العيد” لحركة الجهاد الإسلامي منذُ ريعان شبابه، فقد سكن حُب الجهاد في سبيل الله قلب “أبو النور” فكان متفانياً في الدعوة له، يمضى دون أن تعثر خطاه، فحمل روحه على كفه بعزيمةٍ وصلابةٍ لا تلين.
التحق “أبو النور” في صفوف سرايا القدس مطلع العام 2002م، فمنذ التحاقه لم يعرف الجلوس ولا القُعود جُل وقته في ميادين الجهاد والمقاومة، ففي كل ساحة من ساحات العمل المقاوم كانت له حكاية وبصمة.
ولعل أهم ما كان يُميّزه كانت جرأته وشجاعته التي كانت تسبقه في ميادين العمل الجهادي، دائماً كان يتقدم مع إخوانه بكل عزيمة وثبات وإرادة وثقة بنصر الله، يعدّ العدة ويحشد القوة.
يقول “أبو عبد الله” أحد المُجاهدين المُقربين من الشهيد القائد “أبو النور” خلال حديثه لموقع السرايا:” منذ السنوات الأولى لانتفاضة الأقصى كان لي الشرف التعرّف على الشهيد رأفت الزاملي من خلال حلقات خاصة للجهاد الإسلامي في مدينة رفح”.
ويُتابع:” كان “أبو النور” مدرسة جهادية وأمنيّة تجاوزت كل التعقيدات الأمنية والملاحقة خلال تلك المرحلة، ويعتبر النواة الخفية التي تُشكل مجموعات عسكرية، وأماكن لتدريبها، وتعتبر تلك المهمة الأصعب، كأنموذج متطوّر للمقاومة من خلال انتقال التدريب من بين الجدران إلى الساحات والميادين”.
ويلفت “أبو عبد الله” إلى أن الشهيد القائد “أبو النور” عمل في الجهاز الأمني للحركة، وكانت من بين المهام الموكلة إليه التواصل وإيصال الأسلحة المتوفرة والمتاحة للمجاهدين.
ويشير خلال حديثه “أنه مطلع العام 2003م تم تكليفه قائد لـ “جيش القدس” التابع لسرايا القدس في رفح آنذاك، وأشرف على تدريب وتأهيل هذه الخلايا، أصبحت جاهزة وحاضرة في كل ساحات وفعاليات حركة الجهاد الإسلامي تلك الفترة”.
تدرّج الشهيد القائد رأفت الزاملي في العمل العسكري برفقة عضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الجنوبية الشهيد القائد خالد منصور وتقلد عدة مواقع ومسؤوليات ونظراً لكفاءته العسكرية، تكلّف بمسؤولية الدعم والإمداد الصاروخي في سرايا القدس في قطاع غزة، فكان لهُ إبداعاً كبيراً خلال قيادته لهذه الوحدة، وهي من أهم المحطات البارزة في حياة القائد “أبو النور” كان يبذل قصارى جهده من أجل الإنجاز والارتقاء بهذا العمل لما لهُ تأثير في معركتنا مع العدو الصهيوني.
للشهيد “أبو النور” دوره الهام في مجال الإمداد الصاروخي وبصماته على كل صاروخ وقذيفة كانت تضرب العدو الصهيوني فكان جزء مهم في نقل الصواريخ من ورش التصنيع لمرابض الإطلاق، حيثُ تكون جاهزة للنيل من عدونا الجبان.
ويحسب لشهيدنا القائد رأفت الزاملي أنه أحد أبطال وقادة الوحدة الصاروخية لسرايا القدس، ومن المطلوبين للعدو الصهيوني، ووضِع اسمه على قوائم الاغتيال، بسبب تأثيرهُ الكبير في الوحدة الصاروخية، وشارك بفاعلية في أغلب المعارك والجولات التي خاضتها السرايا ضد العدو الصهيوني.
وشهد الدعم والإمداد الصاروخي خلال مسؤوليته تطوراً مُلفتاً، ويرجع ذلك لتفاني الشهيد القائد رأفت الزاملي في العمل المستمر والمتواصل وبذل قصارى جهدهُ من أجل الارتقاء في هذا المجال، وكان لها الدور الكبير في رسم العديد من الخطط ومستجدات المرحلة.
آن للأرض التي حملت أبو النور أن تحتضن جسدهُ الطاهر، وآن لرفح أن تودعهُ، فإذا حانت ساعة الرحيل لا يستأخرون ولا يستقدمون، فبعد رحلة جهادية عظيمة وطويلة، جاءت لحظة الشهادة، وصعدت روحه الطَاهرة إِلى رَبها شاهدةً عَلى ثَباته وصبره واحتِسابه، فما وهن ولا استكان، ولم يعرف للراحة طعم، ليلحق على عجل مبتسماً مرحاً سعيداً بركب الشهداء.
ارتقى القائد رأفت الزاملي شهيداً في معركة وحدة الساحات يوم السبت الموافق 2022/8/6م برفقة قائد المنطقة الجنوبية في سرايا القدس خالد منصور (أبو منصور) والقائد زياد المدلل، في عملية اغتيال جبانة نفذتها طائرات الحقد الصهيونية التي أطلقت صواريخها على أحد المنازل في منطقة الشعوث في مدينة رفح، ليمضي إلى الله بعد رحلة جهادية مشرّفة كانت مليئةً بالصولات والجولات في سبيل الله.